ديون كربلاء تمنع تعاقدها على مشاريع جديدة

المقاله تحت باب  قضايا
في 
25/01/2014 06:00 AM
GMT




عن نقاش

"لن تتمكن كربلاء من التعاقد على مشاريع خدمية وعمرانية جديدة حتى مطلع عام 2016 وستخصص كل موازنتها في العامين الحالي والمقبل لإدامة وتمويل مشاريع تعاقدت عليها في السنوات الماضية" بهذه العبارة بدأ حسين شدهان عضو مجلس المحافظة حديثه عن مشاريع المدينة.

 الواقع القائم يكشف عن وجود مشكلات مالية وتعاقدية تعاني منها الحكومة المحلية في كربلاء بسبب عدم كفاية الأموال لإنجاز عشرات المشاريع المتعاقد عليها في السنوات الماضية، ووجود تلكؤ في طريقة تنفيذها .

 حصة كربلاء من الموازنة لعام 2012 بلغت نحو 200 مليار دينار عراقي، فيما بلغت موازنتها في 2013 نحو 237 مليار دينار، ومن المؤمل أن يكون نصيبها من موازنة العام الحالي نحو 300 مليار دينار، هذا بالإضافة إلى أن كربلاء تتلقى من وقت لآخر مساعدات إضافية من الحكومة الاتحادية لمساعدتها على تخطي الصعوبات التي تواجهها أثناء المناسبات الدينية، وقد خصص لها مجلس الوزراء 100 مليار دينار في كانون الأول الماضي لتغطية مناسبتي عاشوراء وزيارة الأربعين.

 لكن المدينة مازالت تواجه ديوناً ضخمة لصالح شركات المقاولات مما يعرقل عملية الإعمار كون الشركات المنفِّذة لعشرات المشاريع أصبحت مترددة في إكمال العمل بحجة عدم قدرة الحكومة المحلية على سداد ما بذمتها من مستحقات مالية في المواعيد المحددة.

 رئيس مجلس المحافظة في الدورة السابقة محمد الموسوي اعتبر سوء إدارة الأموال المخصصة لكربلاء من أبرز الأسباب التي أدت إلى تدهور الخدمات وعدم الاستفادة القصوى من المخصصات المالية للمحافظة، وحمّل المحافظ السابق آمال الدين الهر مسؤولية عدم إنفاق المخصصات المالية بشكل مدروس على مشاريع خدمية، فيما رد الهر بأن تلكؤ شركات المقاولات وقلة التخصيصات المالية لكربلاء أعاقا  التقدّثم في مجال الخدمات.

 من جانبه اعتبر عضو مجلس المحافظة طارق الخيكاني ضعف التخطيط لملف الإعمار ونقص الصلاحيات من أبرز الأسباب وراء هدر المال وعدم توجيهه بشكل دقيق في السنوات الماضية نحو مشاريع ناهضة، وقال "هناك سوء تخطيط لمشاريع الإعمار وخلل في بعض التعاقدات التي تمت منذ سنوات بالإضافة إلى أن الحكومة المحلية لا تستطيع محاسبة المقاولين المتلكئين".

 وأوضح إن الحكومة المحلية لها صلاحية سحب المشروع ليحال لاحقاً الى شركة مقاولات أخرى لكنها لا تملك صلاحية محاسبتها في حال تلكؤ عملها، وعدّ هذا الإجراء غير مثمر كونه لا يفرض عقوبات فعلية على المقاولين إنما يقتصر على سحب المشروع  وهذا قد يكون في صالح المقاول لا ضده.

 وطالب بأن يكون للحكومة المحلية الحق في فرض عقوبات صارمة بحق المقاولين المتلكئين لكون التلكؤ في المشاريع يتسبب في هدر في المال العام فضلاً عن مشكلات لا حصر لها للمواطنين فالشركات التي تتعاقد مع الوزارات الاتحادية غالباً ماتكون في مقدمة الشركات المتلكئة.

 وقال" هذا سبب آخر يجعل من المشاريع متلكئة ويمنح المقاولين استرخاء أكبر لكونهم بعيدين جغرافياً عن الوزارات فيما لا يحق للحكومة المحلية محاسبتهم".

 أستاذ الإدارة والاقتصاد الدكتور عودة حسين أكد وجود خلل "مقصود" في التعاقدات التي تتم في كربلاء أو من خلال الوزارات الاتحادية فمعظم العقود تخلو من شرط جزائي ملزم بحق الجهة المنفذة، وهو ما يشكل فرصة استثنائية للمقاولين للمماطلة والتسويف والتهرب من التزاماتهم.

  وقال"بتنا نرى أنصاف مشاريع توقف العمل فيها منذ سنوات طويلة دون أن تتمكن الحكومة المحلية والاتحادية من محاسبة الشركات المتعثرة".

 ولا يجد حسين في حجم التخصيصات المالية سببا في تراجع قطاع الخدمات في كربلاء، وأوضح أن الأموال التي خصصت للمحافظة على مدى العقد الأخير كانت كافية لإحداث تطور لافت على الأرض، وقال" كربلاء محافظة صغيرة ولو وجهت مخصصاتها بدقة لمشاريع خدمية وعمرانية لأمكن إنجاز أشياء مهمة".

 ومازال العراق يتصدر تقارير المنظمات الدولية التي تراقب الفساد حول العالم ففي كانون الاول الماضي اصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريراً صنفت فيه العراق من بين الدول الأكثر فساداً، وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها إدراج العراق في صدارة قائمة الدول الفاسدة فعلى مدى السنوات التي أعقبت 2003 تصدّر العراق تقارير المنظمات الدولية المعنية بمتابعة شؤون الفساد حول العالم.

 ويثير تلكؤ المشاريع في كربلاء انتقادات حادة من المواطنين خصوصاً وأن التلكؤ مكشوف وواضح في مشاريع البنى التحتية مثل الطرق والمجاري والجسور.

  وقال المواطن عماد الموسوي وهو من سكنة حي الغدير أحد الأحياء في وسط المدينة لـ"نقاش" نحن "نتحسر على الأموال التي تهدر باستمرار على مشاريع فاشلة وكنا نأمل لو أُنفقت الأموال على مواطنين يتضورون جوعاً".

 وأضاف " قريباً من منزلي طريق لم يكتمل تعبيده منذ أكثر من ستة أعوام، وقد تم تعبيد جزء منه وتُركت أجزاء أخرى كذلك الحال بالنسبة للجزرة الوسطية التي تم تسييجها بالحديد وصارت مكباً للنفايات".

 المسؤولون المحليون يعتقدون إن المشكلة تكمن في قلة التخصيصات المالية وحجم التعاقدات الكبيرة التي ألزمت الحكومة المحلية نفسها بها من خلال التعاقد على مشاريع تفوق كلفتها مخصصات المحافظة السنوية من الموازنة العامة, وهذا يعني أن ما يعانيه المواطنون بسبب تأخر إنجاز المشاريع، لكن الحاجة إلى الإعمار سيستمر إلى سنوات أخرى طالما أن حركة المستثمرين باتجاه كربلاء ما زالت بطيئة.